لقاء حول المسرح النسائي في الوطن العربي
أحمد المريني/شؤون
في إطار برنامجها الثقافي، نظمت السكرتارية الإقليمية للدكاترة التابعة للنقابة الوطنية للتعليم ” ك د ش” بتطوان بمدرسة العمل الكريم، لقاءها الثقافي الثاني، الذي يندرج ضمن التعريف برسائل الدكتوراه.
وقد أشرف على تأطير هذا اللقاء الدكتورة فاطمة الزهراء الصغير منسقة السكرتارية ، وتمحور حول موضوع أطروحتها لنيل شهادة الدكتوراه الموسوم ب ” المسرح النسائي في الوطن العربي “.
وأبرزت الصغير من خلال عرضها، إشكالات وقضايا عديدة ، أجابت عن السؤال المحوري ، لماذا المسرح النسائي في الوطن العربي؟ وفي أثناء الجواب.. كشفت الباحثة عن أفقين جماليين من الدراما : كتابة نسوية تلتزم بقضايا المرأة ومعاناتها من سلطة الفحولة، وأخرى ما بعد نسوية التي لا تخلو من المباشرة ، وتتجنب قضايا المرأة ، وتعتبر الدراما إنتاجا إبداعيا محضا،…
وقد لخصت الباحثة المنجز المسرحي النسائي بالعالم العربي؛ انطلاقا من انبثاق أولى بوادر هذه الممارسة النسائية العربية مع العصر الحديث ؛ مع التأكيد على حقيقة الحضور النسوي في المناسبات والأفراح الاجتماعية عبر التاريخ؛ إذ لم يكن إسهام المرأة في فنون الفرجة التقليدية مغيبا بالمرة؛ إلا أن صعود المرأة على خشبة المسرح كممثلة لم يتحقق إلا مع بداية القرن العشرين.
ومن خلال قراءتها المتأنية لمتن الكتابة الدرامية ، أثناء النصف الثاني من القرن العشرين ، تكشف عن أفقين جماليين لهذه الدراما، تمثلت في كتابة نسوية تلتزم بقضايا تحرر المرأة العربية ومعاناتها مع سلطة الفحولة، مؤكدة أن معظم هذه الكتابات كأعمال فتحية العسال وغيرهن ، تبقى موضع شك بالنسبة للعديد من النقاد، كونها تسعى بالدرجة الأولى إلى التحسيس على حساب الإبداع؛ وغالبا ما تنسج علاقة بالوضع السياسي ومسرحة التجارب الشخصية، ما يكسب معظمها طابع السيرة الذاتية.
وفي سياق ذلك ـ استحضرت كتابة ما بعد النسوية، التي تخلو من المباشرة وتتجنب تناول قضايا المرأة من وجهة نظر جندرية؛ باعثها على ذلك، أن الدراما نتاج عملية إبداعية محضة. لذلك فان هذا النوع من المسرح ونص “جنون” لجليلة بكار أبرز نموذج على ذلك، يقترح سبلا فنية أخري تتسم بالقطيعة مع الوثوقية الكلاسيكية.
وتؤكد فاطمة الصغير أن مثل هذه النزعة الما بعد النسوية ، هي التي أفضت مع نهاية القرن المنصرم إلى بروز فيض من الفنانات المخرجات المنتصرات للبصري وتبني كل ما هو تجريبي، سواء تعلق الأمر بإخراج الأعمال المسرحية الطليعية، كما هو الشأن مع الفنانة اللبنانية “لينا أبيض” أو الأردنية “سوسن دروزة”؛ أو تعلق الأمر بإنجاز الأعمال الأدائية (برفورمانس)، وتأتي في مقدمتها أعمال اللبنانية “لينا صانع” والمصرية ” أمال قناوي”، حيث توظف الوسائط البصرية والتقنيات المتعددة في العرض الواحد، بما يوسع من مفهوم العرض المسرحي، ليستوعب أشكالا توصف بكونها ما بعد درامية والتي هي منتصرة للمفاهيمية ولتوسيع مفهوم التمثيل. وقدمت المتدخلة خلاصات ومقترحات ركزت على كيفية الاهتمام بالمسرح النسائي وسبل النهوض به …
وحول تنظيم هذا الملتقى الثقافي، يقول “عبد الحي بلقاضي” الكاتب الإقليمي للنقابة الوطنية للتعليم ” ك د ش” أنه يندرح في إطار حرص السكرتارية الإقليمية للدكاترة على تشجيع البحث العلمي ودعم الثقافة والأدب والفن, والتشجيع على القراءة وضرورة التفتح على الآخر وعلى ثقافته. بفضل التزام السكرتارية الإقليمية للدكاترة لخدمة الأدب والثقافة والعلوم الإنسانية, مشيرا أن اللقاء شهد نقاشا مثمرا وغنيا، أضفى عليه متعة السؤال والتعايش معه في أفق استجلاء المستور والمغيب في المسرح النسائي ، واعتبر هذه المبادرة واجهة نضالية فكرية وثقافية ضرورية، لترسيخ الوعي بثقافة التنوع والإبداع والابتكار.
وتسعى السكرتارية الإقليمية للدكاترة التابعة للنقابة الوطنية للتعليم ” ك د ش”، إلى رصد حركة النشر والقراءة بالمغرب، والتحفيز على القراءة، وتشجيع الإبداعات الثقافية والفنية، عبر مجموعة من الأنشطة التي تنظمها أو تشارك فيها أهمها: المعارض الوطنية والجهوية بالمغرب، ندوات، لقاءات أدبية، أمسيات ثقافية ، توقيع إصدارات جديدة، مسابقات في القصة، ورشات تكوينية في الكتابة والقراءة لفائدة التلاميذ ونزلاء المؤسسات السجنية، نشر الكتب. سعيا لإعادة الاعتبار للثقافة والفعل الثقافي وتطوير الممارسة الثقافية لدى الفاعلين الثقافيين بالمغرب.
وتعتبر السكرتارية الإقليمية للدكاترة هذه اللقاءات الثقافية ورشا حقيقيا ، تتبلور داخله الأفكار باستمرار. بهدف فتح المجال أمام أكبر عدد من المثقفين والباحثين المغاربة للمشاركة في التعريف ببحوثهم ودراساتهم العلمية، داخل هذا الفضاء المتهدد الاتجاهات الثقافية والفكرية .