فعاليات تصدر نداء يتعلق بالقنب الهندي
شؤون
أصدرت فعاليات، اليوم الأربعاء، نداء من أجل فتح نقاش عمومي حول الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي.
وجاء في نص النداء الذي توصلت جريدة شؤون بنسخة منها، أن الاتفاقية الفريدة للمخدرات صنفت لسنة 1961 بصيغتها المعدلة نبتة القنب الهندي وراتنجه وصبغاته ضمن الجدول الأول الملحق بها والذي يضم المواد التي تسبب الإدمان الشديد وتتميز بالقابلية لإساءة الاستعمال، وكانت أيضا ضمن الجدول الرابع الذي يضم المواد القابلة لإساءة الاستعمال والتي يمكن أن تحدث آثارا ضارة على نحو خاص والتي لم تثبت لها أية فوائد علاجية، إلى أن تم حذفها من هذا الجدول الأخير بعد الاستعراض الذي أجرته منظمة الصحة العالمية سنة 2018 والذي خلص إلى اعتبار أن القنب الهندي والمواد المتصلة به يمكن أن تكون ذات قيمة علاجية وعلى أساس ذلك قررت لجنة المخدرات حذف القنب الهندي وراتنجه من الجدول الرابع .
وقد عمدت العديد من البلدان الأطراف في هذه الاتفاقية، في ظل فشل “سياسة الحرب على المخدرات” ، إلى تشريع استخدام القنب الهندي للأغراض الترفيهية على الرغم من حصرها لاستخدامه في الأغراض الطبية والعلمية. وفي هذا الصدد، تقدم الحكومات حججا مختلفة لتبرير التشريع، وتشمل أحد هذه الحجج أنه قد يكون متوافقا مع الهدف العام لتلك الاتفاقية، المتمثل في الحفاظ على صحة البشر ورفاهيتهم واحترام مبادئ حقوق الإنسان، مثل الحق في الحرية والخصوصية والاستقلال الشخصي، وفقا لما جاء في العديد من الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، التي تسمو على اتفاقيات مراقبة المخدرات .
وفي المغرب، تم رفع تقريرين إلى الملك يتضمنان توصية من أجل تقنين الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي بالنظر لأبعاده الصحية المتمثلة في تقليص المخاطر إضافة إلى جانب المزايا الاقتصادية .
1. واقع القنب الهندي الترفيهي
أخذ تشريع الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي ينتشر بشكل ملحوظ على مستوى العالم، وحتى لدى بلدان تعتبر أطرافا في الاتفاقية الفريدة للمخدرات لسنة 1961 كما تم تعديلها، والتي تختلف فيما بينها من حيث أشكال التنظيم بالنظر لخصوصياتها الاجتماعية والاقتصادية. ووفقا للهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، يعتبر نموذج أوروغواي الأكثر صرامة من حيث التنظيم ، والتي تعتبر أول دولة تشرع لهذا الاستعمال في سنة 2013 .
ومن الدول من تسمح بزراعة القنب الهندي لهذه الأغراض في الهواء الطلق من قبيل بعض ولايات الولايات المتحدة الأمريكية، فيما أخرى تضيف إمكانية زراعته في المنازل من قبيل هولندا، بالرغم من أن الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات قد حذرت من الزراعة المنزلية ولو كانت موجهة للأغراض الصحية مخافة أن تحتوي على مواد سامة، إضافة إلى أن كمية القنبينات غير معروفة وهو ما يجعل تحديد الجرعة غير ممكن .
وقد تلت الأوروغواي في تقنين الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي كندا سنة 2018، وفي الولايات المتحدة الأمريكية فيتعلق الأمر فقط بولايات وهي كولورادو وواشنطن سنة 2012 و19 ولاية أخرى ومقاطعة كولومبيا وإقليمان ابتداء من نونبر 2022 ، حيث تتم الزراعة في الهواء الطلق.
وتم السماح بالزراعة المنزلية في العديد من البلدان إما بناء على تشريعات أو بناء على قرارات القضاء، وذلك حصريا لأجل الاستهلاك الترفيهي الشخصي، غير أن ما يميز هذا الاتجاه هو تحديد عدد النبتات المسموح إنتاجها لكي لا يتم تسريبها للاستعمال غير المشروع أو الإضرار بصحة المستهلك.
ففي مالطا يسمح للبالغين بزراعة أربع نبتات من القنب الهندي في المنازل من أجل الاستهلاك الشخصي ، كما هو الشأن في كندا، إلا بالنسبة لإقليمي كيبيك ومانيتوبا فإن لهما موقف تشريعي آخر يقضي بمنع الزراعة المنزلية تماما ، وفي هذا الصدد أكدت المحكمة العليا الكندية دستورية قانون كيبيك مؤكدة أن لهذا الإقليم الحق في منع زراعة القنب في المنزل، حتى وإن كانت هذه الممارسة مسموح بها وفقا للقانون الفيدرالي .
أما بالنسبة للإباحة التي أقرها القضاء في بعض البلدان لأجل الاستهلاك الشخصي الترفيهي، فقد اعتبرت المحكمة العليا في إيطاليا أن زراعة كمية صغير جدا من القنب الهندي في المنزل للاستعمال الشخصي لا يشكل جريمة ما دام لا يوجد أي احتمال واقعي لأن تؤدي إلى إنتاج كميات غير محددة من المواد المخدرة، مما يزيد من احتمالات الإضرار بالصحة العامة، وفتح الباب أمام تداول المخدرات وتغذية السوق .
وبالنسبة للمغرب، فقد كانت زراعة القنب الهندي في المغرب للأغراض الترفيهية مضمونة تشريعيا منذ صدور ظهير شريف مؤرخ في 19 جمادى الثانية (4 ماي 1915) في إجراء العمل بالظهير المتعلق بمراقبة جلب الدخان والكيف وفي منع ذلك وإلى غاية صدور ظهير شريف مؤرخ في 20 شعبان 1373 (24 أبريل 1954) بشأن منع قنب الكيف ، والذي احتفظ بإمكانية الزراعة والاستعمال للأغراض العلمية.
ووفق التقارير الرسمية الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة، فإن المساحات المزروعة بالقنب الهندي الترفيهي قد انتقلت من 134 ألف هكتار سنة 2003 إلى حوالي 20 ألف هكتار سنة 2019، كما انتقل رقم المعاملات التجارية “المقدر” لراتنج القنب الهندي من 15 مليار دولار أمريكي سنة 2003 إلى 9 مليار دولار أمريكي سنة 2021 ، دون أن يكون لها انعكاس ايجابي على ساكنة مناطق الزراعة، حيث لا يجني المزارعون سوى 3% من حجم المعاملات وفق وزارة الداخلية المغربية .
إن مكتب الجريمة والمخدرات التابع لهيئة الأمم المتحدة ما فتئ يعتبر في تقاريره السنوية حول حالة المخدرات عبر العالم أن المغرب يعتبر المنتج الأول لراتنج القنب الهندي على مستوى العالم بالاستناد إلى مصدر الضبطيات المصرح بها من لدن الدول، بالرغم من أن لا علاقة منطقية بين الواقعتين، فهذه التقارير لا تعبر عن الواقع خاصة أن ما يتم تداوله في التقارير الدولية حول إنتاج القنب الهندي وراتنجيه تنبني على مجرد افتراضات. فالمغرب لم ينجز مع الأمم المتحدة أي تقرير ميداني بواسطة صور القمر الاصطناعي حول واقع زراعة القنب الهندي منذ سنة 2005، كما أن المنهجية المعتمدة في صياغتها غير سليمة ولا تضمن الحصول على النتيجة المعلنة، فهذه التقارير ذاتها تعدد الشوائب التي تطالها كما يلي:” تم بذل جهود كبيرة على مدار السنوات العديدة لتحسين التقديرات المقدمة في تقرير المخدرات العالمي، الذي يعتمد إلى حد كبير على المعلومات المقدمة من قبل الدول الأعضاء من خلال استبيان التقارير السنوي. ومع ذلك، تبقى التحديات قائمة في إنتاج هذه التقديرات بسبب الفجوات والجودة المتفاوتة في البيانات المتاحة. واحدة من المشكلات الرئيسية هي التباين في الاكتمال والإطار الزمني لتغطية البيانات في استبيانات التقارير السنوية التي تقدمها الدول الأعضاء. وقد يؤدي التقرير غير المنتظم إلى غياب البيانات لبعض السنوات وقد يؤثر أيضا على الاتجاه المذكور في العام المحدد.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الاستبيانات المقدمة ليست دائما شاملة، والكثير من البيانات التي تم جمعها تخضع للقيود والانحيازات. وتؤثر هذه المشكلات على موثوقية وجودة وقابلية المعلومات المتلقاة للمقارنة” .
ولعل تقرير الخارجية الأمريكية حول المخدرات لسنة 2017 لأبرز دليل على ذلك، حيث جاء فيه أن “المغرب هو أكبر منتج ومصدر للقنب في العالم. وفقا لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC)، فإن إجمالي إنتاج المغرب من القنب خلال موسم الزراعة لعامي 2015-2016 تقدر بحوالي 700 طن متري، وهو يعادل بحسب التقديرات نحو 23 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للمغرب البالغ 100 مليار دولار عند تحويله إلى حشيش” . وبالاطلاع على تقرير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لسنة 2017 يبين أن المعطيات الواردة فيه والتي تتعلق بحالة المغرب تشير إلى أن 700 طن متري تتعلق براتنج القنب الهندي وبالموسم الفلاحي لسنة 2013 . ومن جهة أخرى فإن رقم المعاملات الذي أعلنه التقرير وهو 23 مليار دولار غير صحيح، حيث إن هذه الكمية إذا بيعت كلها في السويد بالسعر الأقصى المعلن لسنة 2016 ( 9 987,83 دولار أمريكي للكيلوغرام) فإن رقم المعاملات سيكون هو 6 991 481 000,00 دولار أمريكي أي أنه لن يتجاوز 7 مليار دولار أمريكي، وبالتالي فإن رقم المعاملات الحقيقي أقل بكثير من ذلك على اعتبار أن جزء من المنتج يسوق في المغرب وآخر في بعض بلدان شمال افريقيا وجزء في أوروبا، حيث تكون أثمنة الكيلوغرام أقل بكثير.
ومن تم فإن الأرقام التي تروج هي كلها ذات صبغة “سياسية” محضة ولا تستند على أي أساس علمي، وبالرغم من ذلك فإن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي قد تماهى مع التقرير الأمريكي دون أي تمحيص .
2. انتهاك سياسة “الحرب على المخدرات” لحقوق الإنسان
إن إنفاذ الدول لسياسة “الحرب على المخدرات” قد واكبتها انتهاكات لحقوق الإنسان عبر مختلف بلدان العالم، سواء كانت منتجة أو مستهلكة، فقد سبق للمقرر الخاص المعني بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى ممكـن من الصحة البدنية والعقلية أن شدد على ضرورة إعمال حقوق الإنسان في وضع وإنفاذ السياسات العمومية في مجال المخدرات حيث أكد على أنه “حين تتعارض أهداف ونهج النظـام الـدولي لمراقبـة المخـدرات والنظـام الـدولي لحقـوق الإنـسان، مـن الواضـح أن الغلبـة ينبغـي أن تكـون للالتزامـات المتعلقـة بحقــوق الإنــسان. ومــا فتئــت الجمعيــة العامــة تتخــذ قــرارات تعلــن فيهــا أن المراقبــة الدوليــة للمخدرات يجب أن تجري وفقا للميثاق، و “في ظل الاحترام التـام لحقـوق الإنـسان” ” .
واستنادا على هذا التقرير أعد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان دراسة بشأن تأثير مشكلة المخدرات العالمية على التمتع بحقوق الإنسان تم نشرها سنة 2015 أوصى عبرها بضرورة منح الشعوب الأصلية الحق في الاستعمال الترفيهي للمخدرات ومن ضمنها القنب الهندي حين يكون له علاقة بممارساتها التقليدية والثقافية والدينية مؤكدا على أنه “عندما يدخل تعاطي المخدرات في إطار هذه الممارسات، ينبغي، من حيث المبدأ، حماية الحق في هذا التعاطي لمثل هذه الأغراض المحددة بدقة، رهنا بالقيود المنصوص عليها في قانون حقوق الإنسان”.
وهو التوجه الذي أكدت عليه المادة 11 من إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية التي تنص على أن “للشعوب الأصلية الحق في ممارسة تقاليدها وعاداتها الثقافية وإحيائها. ويشمل ذلك الحق في الحفاظ على مظاهر ثقافتها في الماضي والحاضر والمستقبل وحمايتها وتطويرها”، كما تنص المادة 24 على أن “للشعوب الأصلية الحق في طبها التقليدي وفي الحفاظ على ممارساتها الصحية، وبخاصة حفظ النباتات الطبية”، وتنص الفقرة 2 من المادة 14 من اتفاقية مكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988 على أنه:” يجب أن تراعى في التدابير المتخذة حقوق الإنسان الأساسية، وأن تولى المراعاة الواجبة للاستخدامات التقليدية المشروعة، حيثما يكون هناك دليل تاريخي على هذا الاستخدام، وكذلك لحماية البيئة”.
3. المخاطر المحدقة بالقنب الهندي الترفيهي بالمغرب :
يتعرض القنب الهندي الموجه للأغراض الترفيهية في البلدان التي تقوم بزراعته تاريخيا، ومن ضمنها المغرب، إلى جملة من المخاطر التي يمكن أن تحد من جاذبيته للسوق الاستهلاكية، والتي يمكن إجمالها في نمو الزراعات في الأماكن المغلقة على مستوى البلدان الأوروبية على الخصوص وإنتاج شبيه رباعي هيدرو كانابينول كيميائيا ثم إنتاج رباعي هيدرو كانابينول بدون زراعة القنب الهندي.
فقد أكد التقرير السنوي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لسنة 2019 أنه في العقدين الماضـيين، “حدث تقدم سـريع في تقنيات زراعة نبتة القنب. وقد أدى ذلك إلى انتشـار الزراعة المحلية (المغلقة)، مما قلص من الاعتماد على اســـــتيراد منتجات القنب. ويقوم إنتاج نبتات القنب في بيئة مغلقة على نبتات القنب الأنثى غير الملقحة (تقنية “السـينسـيميا”)، وهو ينطوي على الزراعة في ظروف نمو متحكم فيها باستعمال سلالات مختارة وراثيا، وهذا أدى إلى زيادة في عدد المحاصيل، وكذلك إلى زيادة في الغلة وقوة المفعول. وهذا الاستيلاد الانتقائي.. يركز بشكل رئيســـي على تحقيق محتوى عال من التتراهيدروكانابينول”.
كما أكدت إحدى الدراسات المنشورة سنة 2018 إلى إتجاه المستهلكين إلى استهلاك رباعي هيدرو كانابينول الذي يتم إنتاجه في المختبرات. مشيرة إلى أن المخدرات الكانابينويدية الاصطناعية هي مواد كيميائية تحاكي تأثيرات رباعي هيدرو كانابينول الموجودة طبيعيا في نبات القنب الهندي.
وأوضحت الدراسة على أنه يتم إنتاج رباعي هيدرو كانابينول الاصطناعي في المختبرات باستخدام مواد كيميائية وليس من خلال زراعة نبات القنب.
وتسمى المخدرات الكانابينويدية الاصطناعية في كثير من الأحيان “الأعشاب الزائفة” أو “التوابل” وتتم صناعتها عن طريق مزج مواد كيميائية مع أعشاب مجففة لتقليد تأثيرات رباعي هيدرو كانابينول الطبيعي، دون أن تكون لها فوائد تذكر، على العكس من القنب الهندي الطبيعي الذي – بسحبها- يمكن أن تكون له فوائد علاجية محتملة في بعض الحالات.
ومع ذلك، تكون هذه المخدرات الاصطناعية في كثير من الأحيان أكثر فاعلية ويمكن أن تسبب آثارا جانبية خطيرة على الصحة يمكن أن تصل إلى التسبب في الوفاة.
ومن جهة أخرى، فإن إنتاج تيتراهيدروكانابينول عملية تشمل عادة زراعة القنب الهندي، وهي نبتة تحتاج إلى ظروف معينة لنموها. ومع ذلك، تواجه هذه الطريقة العديد من العقبات لمنتجي تيتراهيدروكانابينول. فالمساحة المتاحة للزراعة، والظروف المناخية المثالية، والتكاليف الإنتاجية العالية يمكن أن تكون عوامل محددة للمنتجين الذين يسعون لتحقيق أقصى إنتاجية لهم. وعلاوة على ذلك، قد تكون زراعة القنب غير قانونية في العديد من البلدان، مما يعوق الوصول إلى الأسواق.
وبمواجهة هذه الصعوبات، تسعى الجهود إلى خلق بديل لإنتاج تيتراهيدروكانابينول عن طريق الزراعة. واحدة من التقنيات الجديدة المستخدمة لإنتاج تيتراهيدروكانابينول هي التخمر، الذي يستخدم الكائنات الدقيقة المعدلة وراثيًا لإنتاج الكانابينويدات مثل تيتراهيدروكانابينول . وتوفر هذه الطريقة العديد من المزايا مقارنة بزراعة القنب. فأولاً، تقلل تقنية التخمر من حاجة زراعة النباتات، مما يقلل من التكاليف الإنتاجية . يمكن زراعة الكائنات الدقيقة بكميات كبيرة وفي وقت قصير، مما يتيح إنتاج تيتراهيدروكانابينول بشكل أكثر كفاءة وسرعة. وبالإضافة إلى ذلك، تتيح تقنية التخمر مراقبة أفضل لجودة تيتراهيدروكانابينول المنتج .
4. الآثار المحتملة لتشريع القنب الهندي للأغراض الترفيهية:
يعتبر خفض الطلب على القنب الهندي الترفيهي ذي المصدر غير المشروع من أبرز حجج دعاة تشريع هذا الاستعمال. وفي هذا الشأن أكد تقرير الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات لسنة 2022 أن تقنين الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي قد أدى إلى خفض اللجوء إلى السوق غير المشروعة بنسب مهمة، مشيرا إلى أن السوق غير الشرعي يشكل حوالي 40% من العرض العام في كندا، وتقريبا 50% في أوروغواي، وحتى 75% في كاليفورنيا .
وفي ذات الصدد، فقد خلصت دراسات تم نشرها سنة 2019 حول السلوك الاقتصادي لمستهلكي القنب الهندي في كندا إلى أن هناك مؤشرات تدل على أن إدخال القنب القانوني في السوق قد يعطل ويقلل من المشتريات غير القانونية، مما يسهم في تقليل الأضرار المحتملة المرتبطة بالسوق غير القانونية .
وعلى المستوى الضريبي، خلصت دراسة أمريكية بعنوان “تأثيرات جانب العرض لتشريع القنب الهندي” إلى أن تشريع القنب الترفيهي لديه القدرة على توليد إيرادات ضريبية لتمويل مشاريع وخدمات حكومية حيوية. ومع ذلك، يجب أن يتم هذا التشريع بحذر لأن الضرائب العالية على المستلزمات العامة ستقلل من الطلب على السوق القانونية للقنب ومن أرباح المزارعين، مما سيحفز المنتجين والمستهلكين على الانتقال إلى سوق القنب غير القانوني. يتعين على صنّاع القرار أن يجدوا توازنًا بين مستويات النقل بين الولايات والضرائب لضمان أن موردي القنب يحققون أيضا بعض الأرباح ضمن سلسلة توريد القنب .
إن تحقيق كمية وجودة المنتجات القانونية للقنب الهندي وتحديد أسعار معقولة في البداية يمكن أن يساعد إلى حد مقبول في تقليل حصة السوق غير القانونية. ومن خلال تقديم القنب الهندي القانوني ومنتجاته بأسعار معقولة نسبيا، دون إفراط في الضرائب، في البداية للسعي للحد من السوق السوداء، ثم زيادة الأسعار تدريجيا، بزيادة الضرائب. تسمح هذه الاستراتيجية أيضا بتوجيه قوات الشرطة لمكافحة تجار المخدرات الكبار وتعزيز احترام الحظر على بيع منتجات القنب للأطفال .
وفي ذات السياق فقد أكد تقرير الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات لسنة 2022 على أن آثار التشريع على الاقتصاد صعبة التقييم وتختلف حسب نموذج التشريع المعتمد. مشيرا إلى أنه، عموما، يمكن أن يكون للتشريع آثار اقتصادية إيجابية مثل خلق فرص عمل في صناعة القنب وزيادة الإيرادات الضريبية للدولة. ومع ذلك ، فمن المهم ملاحظة أن هذه الآثار يمكن أن تكون محدودة بتكاليف الرقابة وإنشاء نظام مراقبة فعال. بالإضافة إلى ذلك ، فمن المهم التأكيد على أن الآثار الاقتصادية قد تختلف باختلاف البلد أو الولاية التي قامت بتشريع الحشيش لأغراض الترفيه.
إن سوق القنب الهندي الترفيهي مغرية للاستثمار، مما يمكن أن يشكل إحد أبرز حوافز التشريع لهذا الغرض، ففي تقريرها لسنة 2022 أكدت New Frontier Data أن مستهلكي القنب في جميع أنحاء العالم قد أنفقوا سنة 2020 حوالي 459 مليار دولار على القنب عالي التركيز بالمادة THC ومشتقاته، سواء في السوق القانوني أو غير القانوني. ويتوقع التقرير أن يصل الإنفاق السنوي إلى 508 مليار دولار بحلول عام 2025، مع معدل نمو سنوي يبلغ 3.9%. ويشير التقرير إلى أن ما يقرب من 92% من الإنفاق العالمي على القنب عالي التركيز بالمادة THC يحدث عبر قنوات غير مشروعة .
وفيما يتعلق بالعلاقة بين السوق غير القانوني والجريمة فقد ذهبت دراسة نشرت سنة 2023 -تخص حالة أستراليا- إلى وجود علاقة طردية بين تشريع الاستهلاك الترفيهي للقنب الهندي وغسل الأموال، حيث توصلت هذه الدراسة إلى دعم للحجة التي تشير إلى أن تدابير الحظر تجاه استخدام القنب تسهم في زيادة الحاجة إلى غسل الأموال المتولدة .
أما على مستوى الآثار الصحية، فإن حذف القنب الهندي ومشتقاته من الجدول الرابع المرفق بالاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 كما تم تعديله، لم يزل عنه صبغته كمخدر يسبب الإدمان الشديد ويتميز بالقابلية لإساءة الاستعمال، كما هو الشأن بالنسبة لجميع المواد المدرجة في الجدول الأول.
تدور الكثير من النقاشات حول تشريع القنب الهندي للأغراض الترفيهية، وتعتبر واحدة من أبرز الأسباب التي يستخدمها دعاة التشريع هي حماية الصحة العامة. إذ يرون بأن التشريع يمكنه التحكم في جودة المنتجات المتاحة في السوق، وتحديد محتوى المواد الكيميائية وتوفير بيئة آمنة للمستهلكين. كما أنه قد يساعد على تقليل المخاطر الصحية المتعلقة بالسوق السوداء غير المنظمة. علاوة على ذلك، يمكن لتشريع القنب الهندي أن يساعد في تحقيق أهداف الاتفاقية الأممية لسنة 1961، حيث أن الاتفاقية تهدف إلى الحد من التعاطي غير المشروع وتقليل مخاطر الإدمان والتعاطي الضار. ومن خلال التشريع، يمكن للحكومات توفير الدعم اللازم للمدمنين وتقديم الخدمات العلاجية اللازمة لهم. ومع ذلك، فإن هذه الحجج لا تزال تشكل جدلا بين المؤيدين والمعارضين لتشريع القنب الهندي للأغراض الترفيهية.
لقد أكدت عدد من الدراسات على أن القنب الهندي الموجه للأغراض الترفيهية في سوق قانونية يمكن أن يرفع من عدد المستهلكين وكذا ارتباط هذه الوفرة سلبيا على الحالة الصحية للحالات المدروسة ، لكن لم تقدم هذه الدراسة جوابا حاسما، إنما عبرت عن مجرد فرضيات. كما أن بعض الدراسات أكدت على أن الأمر يتطلب إجراء المزيد من الأبحاث لفهم تأثير تشريع القنب الترفيهي على الصحة العامة ، فيما أخرى أكدت على أنه لا يزال هناك عدم يقين كبير بشأن التأثيرات الصحية الإيجابية والسلبية لتنظيم الاستهلاك الترفيهي للقنب .
ولأجل كل ذلك؛
توجه الموقعون على هذا النداء، بدعوة إلى فتح نقاش عمومي حول تشريع الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي، تفاعلا مع توصيات لجنة النموذج التنموي والمجلس الاقتصادي والاجتماعي.
كما دعوا الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والإعلام إلى الانخراط في تعزيز دينامية النقاش العمومي حول هذا الموضوع، وكذا وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لدعم إنجاز دراسات علمية حول مختلف آثار تشريع استهلاك القنب الهندي الترفيهي ومدى إمكان اعتباره من ضمن السبل المهمة لخلق بديل اقتصادي لفائدة مجتمع مزارعي القنب الهندي.