جريدة الأنباء و الفنون

سوريا… حلم العودة يتحقق

فاطمة موسى/شؤون

تعود سوريا لتتصدر المشهد من جديد، و تعود معها تطلعات الشعب السوري في تحقيق غد أفضل للبلاد، غد يكون فيه العدل و المساواة و الديمقراطية أساس البناء، غد تتحقق فيه المكاسب الشرعية للسوريين، غد يتمتع فيه المواطن السوري بحقوقه و حرياته على أرضه المسلوبة و المستبدة منه منذ أربعة وخمسين عاما.

“هذه معركة لردع العدوان”، بهذه العبارة أعلنت فصائل المعارضة السورية عن موسم ربيعي جديد سيعيشه الشعب السوري، و ذلك بعد أن أطلقت هجومها الواسع في اتجاه مواقع النظام السوري في ريف حلب الغربي، في سرية تامة و بشكل مفاجئ يوم السابع و العشرين من نوفمبر الماضي.

ترأس هذه العملية كل من هيئة تحرير الشام و جيش العزة و حركة أحرار الشام، إضافة إلى مشاركة مجموعات بشكل مستقل من الجيش الوطني المتمركز في مناطق النفوذ التركية، و بعد سنوات من القصف و الحصار، و خلال أيام معدودات استطاعت الوصول و استرجاع عشرات القرى و المدن، كانت أهمها مدينة حلب ثاني أكبر المدن السورية.

و في الوقت التي أعلنت فيه وسائل الإعلام الدولية عن أخر التطورات، كان من جانبه النظام السوري يتوعد فصائل المعارضة عبر الوسائل ذاتها بشن رد عنيف مضاد و طردها بشكل قوي و كلي.

مادة إعلانية

هذه العملية لم تكن وليدة اللحظة، بل جاءت بعد تخطيطات و قراءات مستفيضة لأوضاع المنطقة و الفاعلين فيها، و لعل أهمها مشهد انسحاب القوات الروسية من الأراضي السورية و انشغالها بالحرب مع أوكرانيا التي بدأت عام 2022، و كذا انسحاب حزب الله اللبناني و توجهه إلى فلسطين بعد اندلاع طوفان الأقصى عام 2023.

ردود الفعل الدولية:

طوال هذه الفترة التزمت كل من روسيا و تركيا الصمت، إلا أن هذه الأخيرة أكدت أنها تراقب الأوضاع عن كثب و أن قواتها المتمركزة في المنطقة جاهزة من الناحية العسكرية، و كشفت صحيفة رويترز أنذاك عن مصدر أمني تركي أن التقدم التي أحرزته المعارضة يندرج ضمن إتفاق خفض التصعيد الموقع عام 2019، مما يعني أن تلك المناطق و بحسب الاتفاق تعود ملكيتها إلى فصائل المعارضة السورية، إلى أن النظام السوري استحوذ عليها و جعلها نقطة يستهدف من خلالها المعارضة.

بعد وصول المعارضة السورية إلى العاصمة دمشق اليوم الثامن من دجنبر و إعلان تحرير سوريا بشكل كامل، بما في ذلك المعتقلات و الأسرى، أعلنت وزارة الخارجية الروسية في بيان رسمي لها أن بشار الأسد قرر التنحي عن منصبه و مغادرة سوريا، موجها تعليماته لضمان انتقال سلمي للسلطة.

على مر أربعة عشر عاما منذ اندلاع الحرب في سوريا… 600 ألف شهيد، 13 مليون مهجر، ألاف المفقودين و عشرات الألاف من صور التعذيب و القتل الجماعي، حرب تحولت خلال هذه السنوات من ثورة إلى حرب أهلية ثم حرب بالوكالة بين أقوى الدول في المنطقة و العالم، فتحرير بشكل كلي و غير متوقع.

إِذَن، هل ستدخل سوريا مشارف الإستقرار و الحرية من بابه العريض، و تكون بارقة أمل لغيرها من الشعوب المستبدة؟ أم ستكون ساحة معركة لأطماع استعمارية لجهات و دول لاطالما انتهزت الفرص لتصنع الفاجعة؟