جريدة الأنباء و الفنون

“حريرة” عسيرة الهضم!

مريم كرودي

مع حلول شهر رمضان، تنهال كل سنة على الشاشة الصغيرة إعلانات البرامج و”السيتكومات”، التي تبثها القنوات التلفزيونية الوطنية، ساعة الإفطار.

وبعد كل سنة، ينخفض منسوب الجودة والمتعة…، وتتحول اللحظات الهادئة الدافئة، والأويقات الروحانية التي يسبر فيها الصائم أغوار روحه، إلى حرب وضرب وسب وصراخ، وافتقار تام لاتيكيت التنشيط، الترفيه والتشخيص…!

هكذا يرى أغلب المغاربة وجبة الإفطار الغثة التي تقدم لهم كل يوم وترافق “حريرتهم”! وفي الحقيقة حريرة هذه السنة شديدة الحموضة… عسيرة الهضم، إذ بالرغم من كل ما يصاحبها من معسلات؛ كشباكية، ومقروط، وبريوات…، إلا أن الطعم يظل مرّا يحاكي حنظل الغربة التي يشعر بها المواطن في عقر داره، ووجعه وهو يفقد هويته رويدا رويدا…

والحال أن المُشاهد المغربي، يجد نفسه أمام مَشاهد لا تشبهه ولا تمث لهويته وثقافته بصلة، وأمام وجوه لا علاقة لها بشاشة التلفاز “الموقرة”، وجوه اعتاد على حضورها في شاشة هاتفه، أو بالأحرى في عالم افتراضي، يُرفه عنه ويُسليه -وقت الفراغ-، ويتابعه لضرورة العصر، فماذا حدث؟ ومن قلب موازين الفن والبرمجة التلفزية؟ أين الأسماء التي كرست سنوات من عمرها لدراسة التنشيط والتقديم، والمسرح وفنون الدراما؟، ومنحت سنوات أخرى للقنوات الوطنية من خلال الأعمال التي قدمتها؟

كيف آلت الأمور إلى هذا الحد؟ ومن المسؤول عن ما بتنا نشهده من “فوضى”..؟

هي فوضى هكذا يصفها المشاهد المغربي، ولعل موجة الاستياء التي تجتاح وسائل التواصل الاجتماعي خير دليل على ذلك.

ولكن دعونا نحاول هضم الحريرة… دعونا نطيل الإمعان في الوضع من جل جوانبه ومن زواياه المختلفة، علّنا نستوعب ما يجري، فيحدث أن نكون قد أفلتنا بالخيط الرابط للقضية وغابت عنا إحدى حلقات المسلسل.

دعونا ننصت لصناع الدراما و”الأعمال الكوميدية”! دعونا ننصت لهم ونحاول الاقتناع أو التظاهر بالاقتناع، وهم يبررون الأمر ويجزمون أن “السوشل ميديا” فضاء خصب للمواهب التي تستحق فرصة الوقوف أمام الكاميرا وولوج البيوتات المغربية، وذلك باعتبارنا نعيش زمن التكنولوجيا وعصر شبكات التواصل الاجتماعي، وأن الأخيرة بات لها تأثير قوي.. عنيف على المغاربة.

رمضان، شهر المنافسة الشرسة بين الممثلين الذين تلقوا تكوينات في مجال اشتغالهم، وبين وجوه فرضت نفسها في الساحة بأعداد “الفولوورز”… وأخرى بين الصناع الذين يتسابقون لجلب مُشاهد غير راضٍ على “الحريرة” من الأساس.