حب، حل، حظ… لطالما تفاءلت بالكلمات التي يغزلها حرفان أولهما قوي، ولطالما أدهشني المعنى العميق والممتد الذي يختفي بين ثناياها بالرغم من قلة الحروف، ولعل أجمل ما تضمره هذه الكلمات هو حمولة المشاعر التي تتوالى بعد حضورها…
كأن تحب، وأن تحل عقدك… وأن تحظى بفرصة العيش في جغرافية الحظ!
هذا الموقع الاستراتيجي المطل على الحلم والأماني والواقع في قلب الحياة التي نلاحقها ونركض بين جنباتها ونهرول..، محاولين الوصول إليها؛
الحياة، التي نسعى إلى ولوجها والانتماء إليها ونتقاتل، لالصاق اسمها على هوياتنا!
ولعلها الدافع الرئيسي، لكل الخطوات الجريئة التي يخطوها الإنسان بحثا عن نفسه وذاته.
فمن يسابق أنفاس الصباح لمزاولة الحياة، ومن يُخرج من رحم عذابه الثمار، ومن يحتج من أجل التغيير، ومن يغير ويتطلع
من يهاجر، ومن يكافح، ومن يهرب من منطقة أمانه نحو مجهول بحثا عن النور… يحوم حول جغرافية الحظ… يحلم بضربة الحظ!
هو الحظ،
الوحيد القادر على تغيير طعم الحياة من بين كل التوابل، والتأثير فيها، بعد العمل والمثابرة، -طبعا- ، كما قال الفيلسوف فرانسيس بيكون، “عجلة الحظ لا يدفعها إلا العمل”.
وعبر الروائي باولو كويلو عن المفهوم من زاويته قائلا، “لو كان بوسعي أن أفعل لكتبت موسوعة ضخمة عن كلمتَي حظ ومصادفة، فبهاتين الكلمتين، تكتب اللغة الكونية”.
فالحظ، أول حروفه حلم وثانيها ظفرا به.
ولعل رائعة درويش، وهو يحادثنا شعرا عن سوء حظه في الحب، أعمق تجسيد لمدى تأثير هذه الجغرافية على حياة العاشق.
“أنا العاشق السيء الحظِّ
نرجسة لي وأخرى عليّ
أمرّ على ساحل الحب
ألقي السلام سريعاً
وأكتب فوق جناحِ الحمام
رسائل منِّي إليّ.
كم امرأةٍ مزقتني
كما مزَّق الطفل غيمةْ
فلم أتألم، ولم أتعلَّم. ولم أحْمِ نجمهْ
من الغيم خلف السياج القصيّ
أمُرُّ على الحب كالغيم في خاتم الشجرهْ
ولا سقفَ لي، لا مَطَرْ
أمر كما يعبر الظلُّ فوق الحجرْ
وأسحب نفسيَ من جَسدٍ لم أرَهْ
أخاف الرجوع إلى أيِّ ليل عرفتُهْ
أخاف العيون التي تستطيعُ اختراقَ ضِفافي
فقد تبصر القلبَ حافي
أخاف اعترافي
بأني أخاف الرجوعَ إلى أيِّ صدرٍ شربتُهْ
فألقي بنفسيَ في البئر… فيّ.
أنا العاشق السيء الحظ
قلت كلاما كثيراً
وسهلا عن القمح حين يُفَرِّخُ فينا السنونو
وقلت نبيذ النُعاس الذي لم تقله العيونُ
ووزَّعتُ قلبي على الطير حتى يحُطَّ وحتى يطيرا
وقلت كلاما لألعبَ. قلت كلاماً كثيرا
عن الحبِّ كي لا أحبَّ، وأحمي الذي سيكونُ
من اليأس بين يديّ”.