المكتبة المغربية تتعزز بإصدارين جديدين في التصوف
شؤون
ينضاف إلى خزانة الدراسات الصوفية والوسيطية بالمغرب والأندلس عملان أصدرهما الباحث محمد رضى بودشار، المتخصص في تاريخ المغرب والأندلس، في مستهل هذه السنة 2024.
الأول يحمل عنوان الإنسان والعالم في تصوف الغرب الإسلامي خلال القرن الثامن الهجري، عن منشورات باب الحكمة، في 375 صفحة من القَطْع المتوسط. وهو في الأصل أطروحة لنيل الدكتوراه في الآداب، سعى فيه إلى دراسة بعض المفاهيم الكبرى التي ارتآها أساسيا لدراسة التصوف: الزمن والموت، والحب والحرية، والطبيعة، والاغتراب، والحنين إلى الجنة. عاملا على الجمع نظريا ومنهجيا بين التصوف النظري والتصوف كما مورس في الواقع بوصفه تجربة معاشة، مستفيدا من مادة مصدرية مهمة موقظة لهمم الباحثين لدراسات قضايا التصوف، ومن الدراسات التي تقاطعت مع إحدى القضايا المذكورة، بالشكل الذي يتأكد فيها ضرورة دراسة التصوف لفهم تاريخ وثقافة مجتمع الغرب الإسلامي (المغرب والأندلس)، وقد انعكس ذلك جليا على مستوى الكتابة والتأليف في تراجم الأولياء والصلحاء أو ما يسمى بأدب المناقب. الشيء الذي جعل هذا الباحث، ينفتح على الفلسفة والعلوم الإنسانية خاصة الأنثروبولوجية إضافة إلى الأدب، ليصل في نهاية المطاف إلى وجود شكلين أساسيين لعلاقة الإنسان بالعالم من خلال النصوص التي درسها: علاقة الاتصال بكون الإنسان جزءا من العالم، وعلاقة الانفصال باعتبار التقابل وعدم التناغم بين الطرفين.
أما الثاني، فيحمل عنوان: إنبات الولاية: دراسات تاريخية وإناسية للتصوف بالمغرب والأندلس، منشورات جمعية تطاون أسمير والجمعية المغربية للدراسات الأندلسية، في 160 صفحة. وهو مجموعة من الدراسات والمقالات أنجزها الباحث في السنوات الماضية، للمشاركة بها في ندوات وأعمال ومجالات وأعمال جماعية، تطرقت إلى قضايا مهمة كانت موضوع التجربة الصوفية، وتمت تجميع عناصرها من المتون الصوفية، خاصة المنقبية، تتمثل في: التهميش، المدينة، الطفولة، الزمن، الطبيعة والثقافة، المقدس، وموضوع التجديد النظري والمنهجي في الدراسات الصوفية من خلال دراسات المؤرخ إبراهيم القادري بوتشيش. إضافة إلى مقال بالإسبانية مشترك مع المؤرخ المالقي برخيليو مرتنيث إنمورَدو.
وبذلك يؤكد الباحث انخراطه في عملية إخراج الدراسات التاريخية من الموضوعات السياسية والحدثية إلى دراسات البنيات والعقليات والمسكوت عنه. ومنح حيز مهم للقراءة والتأويل، لفهم الخطاب الصوفي في حد ذاته، وكيفية اشتغال نصوصه من الداخل، وكذلك لفهم التجربة الصوفية من خلال المسلك الحياتي لرجال التصوف، وتأثير ذلك في المجتمع، والمجال، والعقليات.