جريدة الأنباء و الفنون

الظلم ظلمات!

فاطمة موسى

كان الأمل كبيرا في أن نزف وقنوات الأخبار خبرا ليكون سابقا من نوعه في تاريخ المغرب، أن نحرر بأقلامنا ونهلهل بمكبرات الأصوات معلنين عن ظهور الحق وزهقان الباطل ونقول: “أصدرت السلطات القضائية في المغرب حكماً بالسجن عشرين عاما على ثلاثة متهمين بقضية اغتصاب جماعي لطفلة تحت تهديد السلاح نتج عنه حمل”.

لكن لا… لازال على بلادنا أن تقطع أشواطا؛ بل وسنوات عديدة حتى نصل إلى هذا النوع من المقرطة.

ومازال على الضحايا أن يلزموا الصبر حتى تتحقق العدالة، متجرعين كأس العذاب.

ولازال الطريق طويلا أمام الجناة الأشباح المكبوتون ليتلذذوا قدر المستطاع في اغتصاب الأجساد الفتية الطاهرة ويلوثوها بأيديهم المقززة.

وهنا نستحضر طابورا طويلا من ضحايا الإغتصاب سواء كانوا نساء، فتيات أو أطفالا؛ وكيف مرت أحكام قضاياهم، وكيف اقتلعت جذور إدانة مغتصبيهم من بين قضبان السجن بأخف العقوبات كالشعرة من العجين.

إلى هنا لا شيء لافت في المشهد، فقد اعتادت العيون المغربية على هذه المهازل في الأحكام القضائية الخاصة بقضايا الإغتصاب.

ولكن أن نعرف ما تستند عليه هيئة الحكم في إصدار هذه الأحكام؛ فذاك جزء أو مشهد من الشريط الذي قد لا نصل إليه في غالب الأحيان.

إذا، قد تكون ظروف التخفيف مبنية على “عدم وجود سوابق قضائية بالنسبة للمتهمين ، أو نظرا للظروف الإجتماعية لكل واحد منهم، وأيضا بالنظر لحداثة إجرام المتهمين، ولكون الجزاء المقرر قانونا لما أدينوا به قاس بالنسبة لخطورة الأفعال المرتكبة وبالنسبة لدرجة إجرامهم”.

كل هذا وهم متهمون…

 

في النهاية ما هذا سوى شكل من أشكال الظلم و المهانة.

فكيف لطفلة أن تحمل بطفل؟

وكيف لحكم كهذا أن يصدر؟

وكيف يرضى مجتمع تحقيرا كهذا لطفلة في يناعة سنها؛ بل وهذا تحقير لمكانة البلد بأكمله، فكم من منبر صحفي دولي تحدث عن هذه الواقعة المخجلة…

وكيف لطريقة وآليات التربية والتعليم والتنشئة الإجتماعية أن لا تتغير وتنخلع من تلك العقلية الذكورية التي طوقت العقول، فلا عادت تفرق الحابل من النابل ولا الأخضر من اليابس، حتى صار أشباه الرجال يصبُّون أطماعهم الشهوانية والغرائزية فوق جسد طفلة لازالت في عز طفولتها.

قد يكون الأمل في تحقيق العدالة لازال جليا بأن يذكر، لكن من هنا إلى ذلك الحين… كان الله في عون الضحايا الحاليين والمستقبليين منهم…!