أطباء يستنكرون وفاة “زهور”.. والسيناريست توضح!
شؤون
أثار مشهد موت “زهور” شخصية مسلسل “كاينة ظروف” والذي يبث خلال شهر رمضان على القناة الأولى، جدلا واسعا بين المغاربة.
وتوفيت “زهور” بعد تبرعها بكلية لأخيها المريض، ما جعل أطباء يدخلون على خط النقاش المشتعل على وسائل التواصل الاجتماعي، والذي رهب فكرة التبرع بالأعضاء في نفوس متابعي السلسلة الدرامية.
في ذات الصدد قال طارق صفلي حسيني، طبيب كلى، “استوقفني اليوم العديد من المرضى المصابين بالفشل الكلوي وبعض الزملاء الأطباء للحديث عن آخر تطورات أحداث مسلسل تلفزيوني تبثه القناة الأولى مساء كل يوم طيلة شهر رمضان. يبدو للوهلة الأولى غريبا أن يسترعي انتباهنا مسلسل كاينة ظروف وأن يكون موضوع حديثنا داخل المستشفى، لكن الغرابة تزول حين نعلم أن المسلسل يتطرق في جانب منه لموضوع التبرع بالأعضاء وزرع كلية من متبرعة حية لأخيها المصاب بقصور كلوي مزمن، كم خاب ظني وظن من حاورتهم حين اختار الساهرون على المسلسل أن يكون الموت مصير المتبرعة. لقد جانبوا الصواب بهذا الاختيار الدرامي، وضاع بذلك أملنا أن يكون لهذا العمل الفني دور تحسيسي إيجابي يساهم في نشر ثقافة التبرع بالأعضاء لدى المغاربة”.
وأوضح صفلي حسيني أن، “التبرع بالكلية بين الأقارب الأحياء يتم في احترام تام لشروط صارمة تضمن أولا وقبل كل شيء سلامة المتبرع الذي يستأنف حياته العادية أياما قليلة بعد التبرع. كما أن نسبة نجاح عملية زرع الكلية لذى المتلقي تفوق 90%. المعطيات الطبية والإحصاءات متوفرة بسهولة إلا لمن فضل التغاضي عنها”.
وتأسف الدكتور لوضع الإنتاج الإعلامي المغربي، “الذي ينقل رسائل سلبية مغلوطة ويغفل عن رسائل إيجابية ومبادئ إنسانية مهمة. فالإنتاج الإعلامي ليس مجرد ترفيه أو إثارة أو تسلية، بل هو أداة قوية لتشكيل الرأي العام والثقافة الشعبية وتوجيههما نحو الإيجابية والتقدم. لكن هيهات!
كفانا عبثا! يجب أن يتحمل المخرج إدريس الروخ والمؤﻟفة بشرى مالك وغيرهم مسؤوليتهم في إنتاج محتوى إعلامي يعزز القيم المجتمعية الإيجابية ويساهم في نشر الوعي والتوعية حول قضايا مهمة، مثل التبرع بالأعضاء. يتعين عليهم توجيه رسائل إيجابية للجمهور وتشجيعه على المشاركة في العمل الخيري وبث روح المواطنة بدل نشر السلبية في عقول المواطنين، لا تشفع هنا حسن النية، فالضرر المترتب عن هذا المسلسل واقع لا محالة، وأول المتضررين هم المرضى الذين يأملون في غذ أفضل لن يكون ممكنا إن لم تتطور ثقافة التبرع بالأعضاء في بلادنا.أرجو أن تصل هذه الرسالة إلى من يهمهم الأمر !”، وفق تعبيره.
من جانبها استنكرت أمل بورقية، وهي طبيبة مختصة في مجال معالجة أمراض الكلي وتصفية الدم، الطريقة التي تمت معالجة بها قضية التبرع بالأعضاء في المسلسل المذكور.
وقالت البروفيسور بورقية في تصريح صحفي، إن التبرع هو صدقة جارية وهو أحسن شيء يمكن يقدمه الشخص للإنسان للآخر، مشيرة إلى أن ما يجب أن يدركه الجميع هو أن المتبرع الحي لا يمكن له التبرع إلا إذا كان بصحة جيدة، وكانت جل تحاليل الطبية سليمة ولا تنذر بأي مشكل مستقبلا.
وأكدت المتحدثة، على التطور الكبير الذي عرفه ميدان التبرع بالأعضاء، مبرزة الإجراءات والتحاليل المهمة والدقيقة التي يتم إجراؤها، وأن المرأة بعد تبرعها بالأعضاء يمكن لها الإنجاب من جديد وعيش حياة طبيعية.
وأشارت بورقية إلى أن الأشخاص الذين لا يشجعون غيرهم على التبرع، يسيرون ضد المجتمع، وضد الإنسانية وضد أمور حث عليها الدين، وضد مجموعة من الأخلاقيات، “أصعب شيء هو أن نتحدث على موضوع طبي دون استعمال ما هو طبي، ما يجعلنا نمرر مغالطات للمتلقي، وهنا أتساءل هل الهدف هو تخويف المغاربة من التبرع وحرمان المرضى من العلاج؟ أو ضرب عرض الحائط كل المجهودات التي قمنا بها لسنوات في هذا المجال؟، الأمر خطير بالفعل ونحن نرفض بكشل كلي أن يتم تمرير هذه الرسالة الخاطئة للمغاربة”، تقول البروفيسور.
من جهتها، خرجت بشرى ملاك، كاتبة سيناريو “كاينة ظروف”، بتصريح صحفي، موضحة أن الجدل المثار وعت به في مرحلة الكتابة، ولو كان المغزى كما يتم تداوله هو تخويف الناس لقامت بقتل شخصية “زهور” يوم إجرائها عملية التبرع بالكلية.
وأضافت ملاك بأنها أن المشهد لا يمس قضية التبرع، بل يزيح الستار عن الإهمال الطبي، والدليل أنها قامت بترك الشخصية مدة طويلة بعد التدخل الجراحي وهي تظهر إهمالها والمضاعفات التي تعرضت لها رغم إصرار شقيقيها على اصطحابها للمستشفى، مردفة: “المسألة يمكن أن تكون بسيطة جدا لكنها تتفاقم في حالة الإهمال والاستهتار، لذلك قمت بتسليط الضوء على هذه النقطة التي تفاعل معها الرأي العام، وأن زهور لم يقتلها التبرع بل راحت ضحية الاهمال الذي تسبب لها بتعفن”.
وأكدت أنها استنبطت الواقعة من “قصة حقيقية لإنسانة تعرضت للأمر نفسه، وفرحتها بنجاة أخيها الذي تبرعت له بكليتها جعلتها تنسى حالتها فأهملت صحتها وتوفيت نتيجة ذلك”.